أنا المصرى الرعروع
بقلم د. غادة شريف ١٤/ ٩/ ٢٠١٠
دائما ما يجذبنى الدكتور مصطفى الفقى حينما يتحدث بالعامية فى حوار تليفزيونى، فالتحدث بالعامية فى الحوارات يعنى أن المتحدث سيكون «على راحته»، فمابالك والمتحدث هو الدكتور مصطفى الفقى الذى هو أصلا على راحة راحته؟.. وفى حوار الدكتور الفقى مع الأستاذ مجدى الجلاد فى برنامج إثنين فى إثنين وجدت أن الدكتور مصطفى جاب من الآخر حين قال إن المصرى لا يثور لأنه يصبر طويلا أولا ثم يعترض ويحتج ثانيا ثم بعد ذلك «بيروح على بيته»..
ولذلك لم أستفز مؤخرا قدر ما أستفززت من أحد المواطنين حين بادرنى متسائلا: «إزاى أحفاد الفراعنة يقبلوا هذا الذل والهوان اللى شايفينه دلوقت؟» لم أصدق ما سمعت! أحفاد الفراعنة؟ هو لسه فيه حد مصدق الحكاية دى؟ من الذى خدع هذا المواطن الأليف وأفهمه أننا أحفاد الفراعنة؟.. لقب فرعون كان يطلق على الحاكم فقط وليس له أى علاقة بالشعب نفسه.. نحن ولا فخر من سلالة المصريين الذين عبدوا حكامهم الفراعنة.. وأطاعوهم طاعة عمياء وكان الفراعنة بدورهم ينظرون للمصريين على أنهم رعاع... ولن تجد فى تاريخ الشعوب كلها من عَبَد حكامه غيرنا..
حتى يوم أن أمرهم رمسيس الثانى بالجرى خلف سيدنا موسى فى البحر اندفعوا بمنتهى الهبل خلفه بدون أى تفكير إلا ما فيه واحد فيهم اعتذر علشان عنده غسيل! .. ولم تزل نظرية الحكام والرعاع سائدة.. ولأن على حد علمى كلمة رعاع قد يكون مفردها رعروع... إذن كل مصرى موجود حاليا هو رعروع حديث حفيد لمصرى رعروع قديم كان موجوداً أيام الفراعنة..
وبصفتى رعروعة حديثة أراقب الأحوال أستطيع أن أقول إن المشكلة ليست فى قبول الناس لمذلة ما يحدث لهم، فقديما كانت مصر منهوبة من الاستعمارات المختلفة آه ما قلناش حاجة لكن الاستعمار كان عارف قيمتها.. وكان بيحاول يعمل منها حاجة خاصة الاستعمار الفرنسى مثلما فعل فى لبنان وسوريا ودول المغرب وجنوب أفريقيا.. ويكفى النظام والدقة فى العمل التى تعلمها أهل تلك البلاد من الاستعمار... غيرش بس احنا اللى كنا غاويين أنعرة وتنطيط.. وبعدين إحنا هنروح بعيد ليه؟..
اسأل نفسك كده: هو محمد على والى مصر كان مصرى؟.. أبداً.. ومع ذلك كان أفضل من حكم مصر ونهض بها فى التاريخ الحديث.. وإذا تأملت أكثر فى التاريخ ستجد إن مصر منذ أن حكمها أولادها وهى متمرمطة ومتشحورة.. لا هى عارفة تاخد حق ولا باطل من اللى نهبوها زمان.. ولا هى عارفة تخلص من اللى لسه بينهبوها.. فأصبحت مثل المطلقة التى تريد حلاً..
وبصفتى مصرية رعروعة أستطيع أن أخمن أن زميلى المصرى الرعروع لن يثور على وضعه لأنه أصبح الآن كل علاقته بالوطن إنه بيشترى من الوطن الخضار الصُبح وبيفسَح المدام بالليل على كورنيش الوطن، يأكلوا ذرة مشوى من بتاع الوطن.. وطول عمره يعانى من الحاكم لكنه يحب تأليهه وتصويره على المعابد..
وحتى بعد أن انتهت فترة المعابد دخل على أشعار مدح الخليفة فى العصور الأموية والعباسية ثم دخل بعدها معتدل مارش على الأغانى الوطنية التى تحمل اسم الحاكم فى معظمها.. وأهم ما يتمناه أن يكون ربنا ومديره والمدام راضيين عنه، وحتى عندما يقرأ الآن عن الفساد وثراء الأثرياء فأقصى ما يفعله إنه يمصمص شفايفه متحسرا ويقول: ناس ليها بخت وناس ليها ترتر!
بقلم د. غادة شريف ١٤/ ٩/ ٢٠١٠
دائما ما يجذبنى الدكتور مصطفى الفقى حينما يتحدث بالعامية فى حوار تليفزيونى، فالتحدث بالعامية فى الحوارات يعنى أن المتحدث سيكون «على راحته»، فمابالك والمتحدث هو الدكتور مصطفى الفقى الذى هو أصلا على راحة راحته؟.. وفى حوار الدكتور الفقى مع الأستاذ مجدى الجلاد فى برنامج إثنين فى إثنين وجدت أن الدكتور مصطفى جاب من الآخر حين قال إن المصرى لا يثور لأنه يصبر طويلا أولا ثم يعترض ويحتج ثانيا ثم بعد ذلك «بيروح على بيته»..
ولذلك لم أستفز مؤخرا قدر ما أستفززت من أحد المواطنين حين بادرنى متسائلا: «إزاى أحفاد الفراعنة يقبلوا هذا الذل والهوان اللى شايفينه دلوقت؟» لم أصدق ما سمعت! أحفاد الفراعنة؟ هو لسه فيه حد مصدق الحكاية دى؟ من الذى خدع هذا المواطن الأليف وأفهمه أننا أحفاد الفراعنة؟.. لقب فرعون كان يطلق على الحاكم فقط وليس له أى علاقة بالشعب نفسه.. نحن ولا فخر من سلالة المصريين الذين عبدوا حكامهم الفراعنة.. وأطاعوهم طاعة عمياء وكان الفراعنة بدورهم ينظرون للمصريين على أنهم رعاع... ولن تجد فى تاريخ الشعوب كلها من عَبَد حكامه غيرنا..
حتى يوم أن أمرهم رمسيس الثانى بالجرى خلف سيدنا موسى فى البحر اندفعوا بمنتهى الهبل خلفه بدون أى تفكير إلا ما فيه واحد فيهم اعتذر علشان عنده غسيل! .. ولم تزل نظرية الحكام والرعاع سائدة.. ولأن على حد علمى كلمة رعاع قد يكون مفردها رعروع... إذن كل مصرى موجود حاليا هو رعروع حديث حفيد لمصرى رعروع قديم كان موجوداً أيام الفراعنة..
وبصفتى رعروعة حديثة أراقب الأحوال أستطيع أن أقول إن المشكلة ليست فى قبول الناس لمذلة ما يحدث لهم، فقديما كانت مصر منهوبة من الاستعمارات المختلفة آه ما قلناش حاجة لكن الاستعمار كان عارف قيمتها.. وكان بيحاول يعمل منها حاجة خاصة الاستعمار الفرنسى مثلما فعل فى لبنان وسوريا ودول المغرب وجنوب أفريقيا.. ويكفى النظام والدقة فى العمل التى تعلمها أهل تلك البلاد من الاستعمار... غيرش بس احنا اللى كنا غاويين أنعرة وتنطيط.. وبعدين إحنا هنروح بعيد ليه؟..
اسأل نفسك كده: هو محمد على والى مصر كان مصرى؟.. أبداً.. ومع ذلك كان أفضل من حكم مصر ونهض بها فى التاريخ الحديث.. وإذا تأملت أكثر فى التاريخ ستجد إن مصر منذ أن حكمها أولادها وهى متمرمطة ومتشحورة.. لا هى عارفة تاخد حق ولا باطل من اللى نهبوها زمان.. ولا هى عارفة تخلص من اللى لسه بينهبوها.. فأصبحت مثل المطلقة التى تريد حلاً..
وبصفتى مصرية رعروعة أستطيع أن أخمن أن زميلى المصرى الرعروع لن يثور على وضعه لأنه أصبح الآن كل علاقته بالوطن إنه بيشترى من الوطن الخضار الصُبح وبيفسَح المدام بالليل على كورنيش الوطن، يأكلوا ذرة مشوى من بتاع الوطن.. وطول عمره يعانى من الحاكم لكنه يحب تأليهه وتصويره على المعابد..
وحتى بعد أن انتهت فترة المعابد دخل على أشعار مدح الخليفة فى العصور الأموية والعباسية ثم دخل بعدها معتدل مارش على الأغانى الوطنية التى تحمل اسم الحاكم فى معظمها.. وأهم ما يتمناه أن يكون ربنا ومديره والمدام راضيين عنه، وحتى عندما يقرأ الآن عن الفساد وثراء الأثرياء فأقصى ما يفعله إنه يمصمص شفايفه متحسرا ويقول: ناس ليها بخت وناس ليها ترتر!