السيد محمود الشريف - نقيب السادة الأشراف
ونحن نعيش أيام وليالي هذا الشهر الفضيل شهر الخيرات والبركات والنفحات الربانية نذكر بصفة من الصفات المستحبة وخلق من الأخلاق الكريمة.
التي دعا إليها الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم وهي التواضع وهو الإستسلام للحق تبارك وتعالي وترك الإعتراض في الحكم. وللتواضع فوائده العظيمة منها أنه خلق كريم من أخلاق المؤمن ودليل محبة من رب العالمين. وطريق موصل إلي مرضاة الله والي جنة الخلد إن شاء الله. وهو السبيل إلي القرب من المولي عز وجل, ومن ثم القرب من عباد الله.. وهو عنوان سعادة العبد في الدنيا والآخرة ودليل علي حسن الخاتمة وحسن الخلق. والتواضع هو انكسار القلب لله تعالي وخفض جناح الذل والرحمة لعباده فلا يري له علي أحد فضلا ولا يري له عند أحد حقا بل يري الفضل للناس عليه والحقوق لهم قبله.
جاءت آيات كثيرة في كتاب الله العزيز تدعو إلي التواضع منها علي سبيل المثال لا الحصر قوله تعالي في سورة الإسراء ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا. وقال تعالي في سورة الفرقان وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. وقوله عز وجل في سورة الحجر: لا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليه وأخفض جناحك للمؤمنين.
ودعا الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم إلي هذا الخلق الكريم وهو خلق التواضع في الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا, وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله وعن ركب المصري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: طوبي لعبد تواضع في غير منقصة, وذل في نفسه من غير مسألة, وأنفق مالا جمعه في غير معصية, ورحم أهل الذل والمسكنة وخالط أهل العفه والحكمة.
طوبي لمن طاب كسبه, وصلحت سريرته, وكرمت علانيته, وعزل عن الناس شره, طوبي لمن عمل بعلمه, وأنفق الفضل من ماله, وأمسك الفضل من قوله. وعن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه, دعاه الله يوم القيامة علي رءوس الخلائق حتي يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: أبغوني في ضعفائكم فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أحبوا المساكين فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول في دعائه: اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا وأحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة. وعن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا: بلي يا رسول الله. قال صلي الله عليه وسلم: كل ضعيف متضعف لو أقسم علي الله لأبره. ثم قال: ألا أخبركم بأهل النار؟ قالوا: بلي يا رسول الله.قال: كل عتل جواظ مستكبر.
وقال السيد المسيح عليه السلام: طوبي للمتواضعين في الدنيا, هم أصحاب المنابر يوم القيامة, طوبي للمصلحين بين الناس في الدنيا, هم الذين يرثون الفردوس يوم القيامة وقال أمير المؤمنين سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه: وجدنا الكريم في التقوي, والغني في اليقين والشرف في التواضع..وعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: تغفلون أفضل العبادة: التواضع وعن جرير عبد الله عنه انه قال له سلمان رضي الله عنه: يا جرير تواضع لله, فإن من تواضع لله في الدنيا رفعه الله يوم القيامة
وسئل الحسن البصري رضي الله عنه عن التواضع فقال: التواضع أن تخرج من منزلك ولا تلقي مسلما إلا رأيت له عليك فضلا وقيل لعبد الملك بن مروان: أي الرجال أفضل؟ قال: من تواضع عن قدرة, وزهد عن رغبة, وقال الجنيد بن محمد: التواضع هو خفض الجناح ولين الجانب, وقال عروة بن الورد: التواضع أحد مصايد الشرف, وكل نعمة محسود عليها صاحبها إلا التواضع. وقال ابراهيم بن شيبان: الشرف في التواضع والعز في التقوي والحرية في القناعة.
علينا ونحن نعيش الشهر الفضيل أن نتواضع حتي نحصل علي النصر والبركة في المال والعمر ونأمن عذاب الله يوم الفزع الأكبر أمين يا رب العالمين.
فاللهم اجعلنا من المتواضعين لك ولعبادك يارب العالمين واحسن اعمالنا في الأمور كلها واغفر لنا وارحمنا وانت خير الراحمين.
المصدر :جريدة الأهرام