هاهو شهر رمضان عاد للأمة من جديد ، عاد وفي صحبته تبريكات المهنئين ،
وتهنئات المباركين ، عاد والأمة تبتهج به ككل عام ، عاد هذا العام وقد
عانقه رجل بكى أسفاً على فراقه في العام الماضي .
عاد على شاب ما أفاق من نومه إلا على تهاني الأعياد فجثا على ركبتيه يبكي
لفراقه ، ويحزن لفواته .
عاد ولا زال في ذاكرتي بكاء المصلين ، وأنين المحبين على فراقه في آخر
لياليه من العام الماضي .
عاد مرة أخرى على كل أولئك ، عاد ليدمل ذلك الأنين كله ، ويبدأ رحلة جديدة
من الآمال مع كل أولئك النادمين بالأمس ... فأهلاً بشهرنا الحبيب ، أهلاً
بمن جاء يدمل جراح الفراق ، أهلاً بمن جاء يسقي بالأمل نفوساً عطشى ،
وقلوباً لهفى ... إن هذا العائد حقيق بالاحتفاء .
كم نحن بحاجة إلى نقلة نوعية في أنفسنا نتجاوز بها أمنيات الماضي الحزين ،
ونكتب من خلالها أسطراً جديدة في حياتنا نبرهن بها على صدق اللقاء . إن
رمضان فرصة عظيمة لإحداث التغيير المنشود من خلاله ، لقد غيّر رمضان
بطبيعته روتين الحياة ككل ، وأضفى على حياة الواحد منا برنامجاً جديداً ،
فكثير من الناس قد لا يتصوّر أن يصوماً يوماً واحداً في حياته كلها ، بل قد
يرى أن هذا الصوم حلماً قد عجز عن تحقيقه ، وربما حاول وهو يسمع حديث النبي
صلى الله عليه وسلم : من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار
سبعين خريفاً ، لكنه لم يستطع تطبيق ذلك على مستوى يوم واحد ، فجاء رمضان
فقلب هذه النفس ، وطمس معالم الرهبة فيها ، وجعلها لا تراهن على يوم واحد ،
بل على أيام الشهر كلها .
وترى ذلك الضعيف في الانتصار على ذاته يوماً واحداً الأمس وقد حطّم ما كان
يراه مستحيلاً ، فصام الشهر كله . بعض الناس من الذين وقعوا أسرى لعادة
التدخين مثلاً قد يصعب عليه أن يترك شرب سيجارة واحدة في زمن الساعة
والساعتين ، وقد تراه وهِنَ العزيمة لدرجة أنك لا تفلح في إقناعه أن يتنازل
بضع دقائق عن هذه العادة السلبية ، يأتي رمضان فيخلق لديه عزيمة صلبة ،
وإرادة قوية ، ويبقى يوماً كاملاً لا يحدث نفسه بهذه العادة ناهيك أن يقع
فيها .
والأمثلة على هذا أكثر من أن تُحصر ، فكان بحق رمضان فرصة للتغيير ، لقد
أكّد الله تعالى في كتابه الكريم أن التغيير مهما كان بسيطاً لا يأتي إلا
من خلال الإرادة الشخصية عند الإنسان نفسه ، قال تعالى : ( إن الله لا
يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ) وأكّدت تجربة رمضان أن كثيراً من
السلبيات التي نقارفها بحجة ضعف الإرادة ، ووهن العزيمة دعوى لا رصيد لها
من واقع الحقيقة .
ومن هذا المنطلق فإن الواجب أن يكون رمضان فرصة لبناء الذات ، والوصول بها
إلى أفضل ما يمكن . إنه من خلال هذا الشهر يمكن لنا أن نضع لنا أهدافاً
ونختبر أنفسنا في تحقيقها ، نجرّب خطوات عملية في التحدي ، نبحث عن أكثر من
ميدان لنخوض التجربة فيه .
إن بإمكاننا أن نضع لأنفسنا في هذا الشهر جملة من الأهداف ، ونخوض التجربة
الحقيقة في اختبار قدارت الذات مع هذه الأهداف ، إن المحافظة على صلاة
الجماعة ، والحفاظ على ورد معيّن من الراتبة والنافلة هدف عظيم يمكن أن
نحيا من أجله في هذا الشهر . كذلك من الأهداف التي يمكن أن نجربها في رمضان
ألا نغتاب أحداً مهما كان الداعي إلى ذلك ، ويمكن كذلك خوض التجربة
الحقيقية مع النفس في هذا الشهر أن نلتقط كل فضيلة ، ونحرص على جماع أبواب
البر الممكنة في رمضان بدءاً من إجابة المؤذّن ، وانتهاء بإماطة الأذى عن
الطريق .
إن من لا يمكنه بالأمس ختم القرآن يمكن أن يجرب اليوم ، ومن لم يمكنه أكثر
من ختمة واحدة بإمكانه أن يجرّب اليوم مرة أخرى ، شريطة أن يجرّب وعنده
النية الصادقة لتحويل أمنيات الأمس إلى تجارب حية في هذا العام . إن بعضنا
يقع تحت وطأة العادات السلبية ، ويمكن لو تأملت حياة الواحد منا تجده
مجموعة من هذه العادات ، وهو مدعو هذا العام أن يجرّب التخلّص من هذه
العادات كلها إن استطاع أو بعضها ، وتحقيق الانتصار في التغلّب على بعض
العادات طريق للأمل في التغلّب على كل العادات السلبية .
إن النجاح يدعو لنجاح آخر ، والتجربة الإيجابية تزرع طريقاً من التفاؤل
للتجارب القادمة عبر الزمن في حياة الواحد منا . شريطة أن نبدأ بإرادة صلبة
، وعزيمة قوية ، ونبدأ ونحن مفعمون بالتفاؤل . فلئن يعيش الواحد منا وهو
يناضل في بناء ذاته خير له من أن يرحل وهو مأسور تحت وطأة شهوة عاجلة ، أو
عادة ذميمة . إن رمضان فرصة أن نرمم ذواتنا ، ونشذّب الأخلاق التافهة في
حياتنا ، ونخرج قليلاً من التمحور حول الذات إلى بناء علاقات إيجابية مع
الآخرين .
إن رمضان سيرحل كما رحل كل عام ، وليس ثمة شك في عوده ، وإنما الشك في
بقائنا للقياه ، فكما أننا لا نملك الرؤية الواضحة في عوده مرة أخرى علينا
يمكن أن نستغله قبل أن يرحل ، ونكتب من خلال لقائه هذا العام صورة من صور
تشبثّ الأنفس بأمنياتها العظيمة ، وقد وعد الله تعالى من يجاهد فيه
بالهداية إلى طرق الخير والفلاح ، قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا
لنهدينّهم سبلنا ) .
وفقني الله وإياك إلى استثمار الفرصة ، واستغلال الحدث في ما يعود علينا
بالنفع في الدنيا ، والفوز في الآخرة . والله يتولاك برعايته
وتهنئات المباركين ، عاد والأمة تبتهج به ككل عام ، عاد هذا العام وقد
عانقه رجل بكى أسفاً على فراقه في العام الماضي .
عاد على شاب ما أفاق من نومه إلا على تهاني الأعياد فجثا على ركبتيه يبكي
لفراقه ، ويحزن لفواته .
عاد ولا زال في ذاكرتي بكاء المصلين ، وأنين المحبين على فراقه في آخر
لياليه من العام الماضي .
عاد مرة أخرى على كل أولئك ، عاد ليدمل ذلك الأنين كله ، ويبدأ رحلة جديدة
من الآمال مع كل أولئك النادمين بالأمس ... فأهلاً بشهرنا الحبيب ، أهلاً
بمن جاء يدمل جراح الفراق ، أهلاً بمن جاء يسقي بالأمل نفوساً عطشى ،
وقلوباً لهفى ... إن هذا العائد حقيق بالاحتفاء .
كم نحن بحاجة إلى نقلة نوعية في أنفسنا نتجاوز بها أمنيات الماضي الحزين ،
ونكتب من خلالها أسطراً جديدة في حياتنا نبرهن بها على صدق اللقاء . إن
رمضان فرصة عظيمة لإحداث التغيير المنشود من خلاله ، لقد غيّر رمضان
بطبيعته روتين الحياة ككل ، وأضفى على حياة الواحد منا برنامجاً جديداً ،
فكثير من الناس قد لا يتصوّر أن يصوماً يوماً واحداً في حياته كلها ، بل قد
يرى أن هذا الصوم حلماً قد عجز عن تحقيقه ، وربما حاول وهو يسمع حديث النبي
صلى الله عليه وسلم : من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار
سبعين خريفاً ، لكنه لم يستطع تطبيق ذلك على مستوى يوم واحد ، فجاء رمضان
فقلب هذه النفس ، وطمس معالم الرهبة فيها ، وجعلها لا تراهن على يوم واحد ،
بل على أيام الشهر كلها .
وترى ذلك الضعيف في الانتصار على ذاته يوماً واحداً الأمس وقد حطّم ما كان
يراه مستحيلاً ، فصام الشهر كله . بعض الناس من الذين وقعوا أسرى لعادة
التدخين مثلاً قد يصعب عليه أن يترك شرب سيجارة واحدة في زمن الساعة
والساعتين ، وقد تراه وهِنَ العزيمة لدرجة أنك لا تفلح في إقناعه أن يتنازل
بضع دقائق عن هذه العادة السلبية ، يأتي رمضان فيخلق لديه عزيمة صلبة ،
وإرادة قوية ، ويبقى يوماً كاملاً لا يحدث نفسه بهذه العادة ناهيك أن يقع
فيها .
والأمثلة على هذا أكثر من أن تُحصر ، فكان بحق رمضان فرصة للتغيير ، لقد
أكّد الله تعالى في كتابه الكريم أن التغيير مهما كان بسيطاً لا يأتي إلا
من خلال الإرادة الشخصية عند الإنسان نفسه ، قال تعالى : ( إن الله لا
يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ) وأكّدت تجربة رمضان أن كثيراً من
السلبيات التي نقارفها بحجة ضعف الإرادة ، ووهن العزيمة دعوى لا رصيد لها
من واقع الحقيقة .
ومن هذا المنطلق فإن الواجب أن يكون رمضان فرصة لبناء الذات ، والوصول بها
إلى أفضل ما يمكن . إنه من خلال هذا الشهر يمكن لنا أن نضع لنا أهدافاً
ونختبر أنفسنا في تحقيقها ، نجرّب خطوات عملية في التحدي ، نبحث عن أكثر من
ميدان لنخوض التجربة فيه .
إن بإمكاننا أن نضع لأنفسنا في هذا الشهر جملة من الأهداف ، ونخوض التجربة
الحقيقة في اختبار قدارت الذات مع هذه الأهداف ، إن المحافظة على صلاة
الجماعة ، والحفاظ على ورد معيّن من الراتبة والنافلة هدف عظيم يمكن أن
نحيا من أجله في هذا الشهر . كذلك من الأهداف التي يمكن أن نجربها في رمضان
ألا نغتاب أحداً مهما كان الداعي إلى ذلك ، ويمكن كذلك خوض التجربة
الحقيقية مع النفس في هذا الشهر أن نلتقط كل فضيلة ، ونحرص على جماع أبواب
البر الممكنة في رمضان بدءاً من إجابة المؤذّن ، وانتهاء بإماطة الأذى عن
الطريق .
إن من لا يمكنه بالأمس ختم القرآن يمكن أن يجرب اليوم ، ومن لم يمكنه أكثر
من ختمة واحدة بإمكانه أن يجرّب اليوم مرة أخرى ، شريطة أن يجرّب وعنده
النية الصادقة لتحويل أمنيات الأمس إلى تجارب حية في هذا العام . إن بعضنا
يقع تحت وطأة العادات السلبية ، ويمكن لو تأملت حياة الواحد منا تجده
مجموعة من هذه العادات ، وهو مدعو هذا العام أن يجرّب التخلّص من هذه
العادات كلها إن استطاع أو بعضها ، وتحقيق الانتصار في التغلّب على بعض
العادات طريق للأمل في التغلّب على كل العادات السلبية .
إن النجاح يدعو لنجاح آخر ، والتجربة الإيجابية تزرع طريقاً من التفاؤل
للتجارب القادمة عبر الزمن في حياة الواحد منا . شريطة أن نبدأ بإرادة صلبة
، وعزيمة قوية ، ونبدأ ونحن مفعمون بالتفاؤل . فلئن يعيش الواحد منا وهو
يناضل في بناء ذاته خير له من أن يرحل وهو مأسور تحت وطأة شهوة عاجلة ، أو
عادة ذميمة . إن رمضان فرصة أن نرمم ذواتنا ، ونشذّب الأخلاق التافهة في
حياتنا ، ونخرج قليلاً من التمحور حول الذات إلى بناء علاقات إيجابية مع
الآخرين .
إن رمضان سيرحل كما رحل كل عام ، وليس ثمة شك في عوده ، وإنما الشك في
بقائنا للقياه ، فكما أننا لا نملك الرؤية الواضحة في عوده مرة أخرى علينا
يمكن أن نستغله قبل أن يرحل ، ونكتب من خلال لقائه هذا العام صورة من صور
تشبثّ الأنفس بأمنياتها العظيمة ، وقد وعد الله تعالى من يجاهد فيه
بالهداية إلى طرق الخير والفلاح ، قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا
لنهدينّهم سبلنا ) .
وفقني الله وإياك إلى استثمار الفرصة ، واستغلال الحدث في ما يعود علينا
بالنفع في الدنيا ، والفوز في الآخرة . والله يتولاك برعايته